الجامعة

الفصل: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12


الفصل: 2

1  قُلْتُ أَنَا فِي قَلْبِي: «هَلُمَّ أَمْتَحِنُكَ بِالْفَرَحِ فَتَرَى خَيْراً». وَإِذَا هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ.
2  لِلضَّحْكِ قُلْتُ: «مَجْنُونٌ» وَلِلْفَرَحِ: «مَاذَا يَفْعَلُ؟»
3  اِفْتَكَرْتُ فِي قَلْبِي أَنْ أُعَلِّلَ جَسَدِي بِالْخَمْرِ وَقَلْبِي يَلْهَجُ بِالْحِكْمَةِ وَأَنْ آخُذَ بِالْحَمَاقَةِ حَتَّى أَرَى مَا هُوَ الْخَيْرُ لِبَنِي الْبَشَرِ حَتَّى يَفْعَلُوهُ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ مُدَّةَ أَيَّامِ حَيَاتِهِمْ.
4  فَعَظَّمْتُ عَمَلِي. بَنَيْتُ لِنَفْسِي بُيُوتاً غَرَسْتُ لِنَفْسِي كُرُوماً.
5  عَمِلْتُ لِنَفْسِي جَنَّاتٍ وَفَرَادِيسَ وَغَرَسْتُ فِيهَا أَشْجَاراً مِنْ كُلِّ نَوْعِ ثَمَرٍ.
6  عَمِلْتُ لِنَفْسِي بِرَكَ مِيَاهٍ لِتُسْقَى بِهَا الْمَغَارِسُ الْمُنْبِتَةُ الشَّجَرَ.
7  قَنِيتُ عَبِيداً وَجَوَارِيَ وَكَانَ لِي وُلْدَانُ الْبَيْتِ. وَكَانَتْ لِي أَيْضاً قِنْيَةُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا فِي أُورُشَلِيمَ قَبْلِي.
8  جَمَعْتُ لِنَفْسِي أَيْضاً فِضَّةً وَذَهَباً وَخُصُوصِيَّاتِ الْمُلُوكِ وَالْبُلْدَانِ. اتَّخَذْتُ لِنَفْسِي مُغَنِّينَ وَمُغَنِّيَاتٍ وَتَنَعُّمَاتِ بَنِي الْبَشَرِ سَيِّدَةً وَسَيِّدَاتٍ.
9  فَعَظُمْتُ وَازْدَدْتُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلِي فِي أُورُشَلِيمَ وَبَقِيَتْ أَيْضاً حِكْمَتِي مَعِي.
10  وَمَهْمَا اشْتَهَتْهُ عَيْنَايَ لَمْ أُمْسِكْهُ عَنْهُمَا. لَمْ أَمْنَعْ قَلْبِي مِنْ كُلِّ فَرَحٍ لأَنَّ قَلْبِي فَرِحَ بِكُلِّ تَعَبِي. وَهَذَا كَانَ نَصِيبِي مِنْ كُلِّ تَعَبِي.
11  ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ!
12  ثُمَّ الْتَفَتُّ لأَنْظُرَ الْحِكْمَةَ وَالْحَمَاقَةَ وَالْجَهْلَ. فَمَا الإِنْسَانُ الَّذِي يَأْتِي وَرَاءَ الْمَلِكِ الَّذِي قَدْ نَصَبُوهُ مُنْذُ زَمَانٍ؟
13  فَرَأَيْتُ أَنَّ لِلْحِكْمَةِ مَنْفَعَةً أَكْثَرَ مِنَ الْجَهْلِ كَمَا أَنَّ لِلنُّورِ مَنْفَعَةً أَكْثَرَ مِنَ الظُّلْمَةِ.
14  اَلْحَكِيمُ عَيْنَاهُ فِي رَأْسِهِ. أَمَّا الْجَاهِلُ فَيَسْلُكُ فِي الظَّلاَمِ. وَعَرَفْتُ أَنَا أَيْضاً أَنَّ حَادِثَةً وَاحِدَةً تَحْدُثُ لِكِلَيْهِمَا.
15  فَقُلْتُ فِي قَلْبِي: «كَمَا يَحْدُثُ لِلْجَاهِلِ كَذَلِكَ يَحْدُثُ أَيْضاً لِي أَنَا. وَإِذْ ذَاكَ فَلِمَاذَا أَنَا أَوْفَرُ حِكْمَةً؟» فَقُلْتُ فِي قَلْبِي: «هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ!»
16  لأَنَّهُ لَيْسَ ذِكْرٌ لِلْحَكِيمِ وَلاَ لِلْجَاهِلِ إِلَى الأَبَدِ. كَمَا مُنْذُ زَمَانٍ كَذَا الأَيَّامُ الآتِيَةُ: الْكُلُّ يُنْسَى. وَكَيْفَ يَمُوتُ الْحَكِيمُ؟ كَالْجَاهِلِ!
17 فَكَرِهْتُ الْحَيَاةَ. لأَنَّهُ رَدِيءٌ عِنْدِي الْعَمَلُ الَّذِي عُمِلَ تَحْتَ الشَّمْسِ لأَنَّ الْكُلَّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ.
18 فَكَرِهْتُ كُلَّ تَعَبِي الَّذِي تَعِبْتُ فِيهِ تَحْتَ الشَّمْسِ حَيْثُ أَتْرُكُهُ لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدِي.
19 وَمَنْ يَعْلَمُ هَلْ يَكُونُ حَكِيماً أَوْ جَاهِلاً وَيَسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ تَعَبِي الَّذِي تَعِبْتُ فِيهِ وَأَظْهَرْتُ فِيهِ حِكْمَتِي تَحْتَ الشَّمْسِ؟ هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ!
20 فَتَحَوَّلْتُ لِكَيْ أَجْعَلَ قَلْبِي يَيْأَسُ مِنْ كُلِّ التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُ فِيهِ تَحْتَ الشَّمْسِ.
21 لأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ إِنْسَانٌ تَعَبُهُ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَبِالْفَلاَحِ فَيَتْرُكُهُ نَصِيباً لإِنْسَانٍ لَمْ يَتْعَبْ فِيهِ. هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ وَشَرٌّ عَظِيمٌ.
22 لأَنَّهُ مَاذَا لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ وَمِنِ اجْتِهَادِ قَلْبِهِ الَّذِي تَعِبَ فِيهِ تَحْتَ الشَّمْسِ؟
23 لأَنَّ كُلَّ أَيَّامِهِ أَحْزَانٌ وَعَمَلَهُ غَمٌّ. أَيْضاً بِاللَّيْلِ لاَ يَسْتَرِيحُ قَلْبُهُ. هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ هُوَ.
24 لَيْسَ لِلإِنْسَانِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيُرِيَ نَفْسَهُ خَيْراً فِي تَعَبِهِ. رَأَيْتُ هَذَا أَيْضاً أَنَّهُ مِنْ يَدِ اللَّهِ.
25 لأَنَّهُ مَنْ يَأْكُلُ وَمَنْ يَلْتَذُّ غَيْرِي؟
26 لأَنَّهُ يُؤْتِي الإِنْسَانَ الصَّالِحَ قُدَّامَهُ حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً وَفَرَحاً. أَمَّا الْخَاطِئُ فَيُعْطِيهِ شُغْلَ الْجَمْعِ وَالتَّكْوِيمِ لِيُعْطِيَ لِلصَّالِحِ قُدَّامَ اللَّهِ! هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ.